سيكولوجية العمل





- إن الاختلافات والفروق بين الأفراد ظاهرة عامة نلاحظها دائما بين الناس في جميع نواحي الحياة ,ففي المدرسة والمصنع والجيش, مكاتب الشركات ودواوين الحكومة وفي أي مكان آخر تجتمع فيه مجموعة من الأفراد نلاحظ فروقا كبيرة بين الأفراد سواء في الخصائص الجسيمة أو السمات العقلية.
- وقد استرعت هذه الاختلافات والفروق بين الأفراد انتباه العلماء والمفكرين لوضع طرق منظمة وقياسها بوسائل علمية دقيقة وبدا ذلك في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين واصبح رجال الصناعة الآن يدركون ضرورة الاهتمام بمراعاة الفروق الفردية سواء عند اختيار العمال أو تدريبهم أو تحديد أجورهم .
وفي مجال الصناعة هناك عدة فروق نذكرها :
الفروق في الصلاحية للعمل: اختبارات في ( المعلومات - الميكانيكا – ذكاء – اختبار نفسي) .
الفروق في كمية الإنتاج : ويظهر ذلك جليا إذا ما قارنا كمية الإنتاج لمجموعة من العمال في فترة زمنية واحدة .
مثال : الفروق في كمية إنتاج 40 عاملا يقومون بتركيب بعض الأدوات الكهربائية وكان هؤلاء العمال يقومون بعمل متشابه ويستخدمون أدوات وآلات متشابهة وكانت جميع الظروف الأخرى من حيث المكان و الضوء والحرارة متشابهة ومع ذلك نلاحظ أن هناك فروقا كبيرة في كمية إنتاج هؤلاء العمال
الفروق في جودة الإنتاج : لا يختلف العمال في كمية إنتاجهم فقط وأنما يختلفون أيضا في جودة إنتاجهم.
مثال : في مصنع طائرات طلب من 50 عاملا قياس 19 قطعة معدنية مختلفة الأحجام والأشكال باستخدام الميكرومتر وكانت كل قطعة قيست من قبل بأجهزة دقيقة وقورنت المقاييس التي أعدها العمال بالمقاييس الحقيقية لهذه القطع ووجد أن الدرجات التي وضعها العمال تتراوح تقريبيا بين 5% إلى 63% مما يدل علي وجود فروق كبيرة بينهم من حيث دقتهم في القياس.
الفروق في الاستفادة من التدريب : يظهر العمال أيضا كثيرا من الفروق في قدرتهم علي التعلم وفي مقدار استفادتهم من التدريب فمن المعلوم أن هناك فروق في قدرة العمال علي الاستفادة من التدريب وفي المدة الكافية للتدريب لان طول المدة يكلف المؤسسات الصناعية نفقات كثيرة لان أثناء فترة التدريب يتقاضي العمال في العادة أجور اكبر مما يستحقون نظرا لإنتاجهم أثناء فترة التدريب يكون ضعيفا في كمية أو مستوي جودته كما انهم يقومون في العادة بإتلاف كمية كبيرة من المواد الخام مما يزيد من تكاليف الإنتاج فضلا أن بعض العمال الضعاف يحتاجون إلى إشراف مستمر لمدة طويلة من المدربين وسيؤدي يذلك بلا شك إلى تقليل كمية الإنتاج ويسبب في النهاية زيادة في نفقات التدريب .
الفروق في الغياب عن العمل والاستمرار فيه : توجد فروق بين العمال من حيث عدم المواظبة علي الحضور إلى مقر العمل ولاشك أن كثرة غياب بعض العمال يضعف من كمية الإنتاج كما يضر بمعنوياتهم ويرجع الغياب إلى بعض السمات الشخصية للعمال واتجاهاتهم النفسية وعاداتهم السلبية.
كما أن هناك فروق من حيث استمرارهم في العمل مدة طويلة أو من حيث كثرة تنقلهم بين الأعمال المختلفة ولاشك إن استمرار العامل في عمله أمر مهم خاصة أن تدريب العمال يكلف المؤسسة الصناعية كثيرا من النفقات ويجب أن يستمر العامل في عمله عدة سنوات بعد انتهاء التدريب حتى يمكن الاستفادة منه ويغطي نفقات التدريب .
الفروق في الوقوع في الحوادث : هناك فروق فردية في القابلية للوقوع في حوادث ، فبعض الأفراد يكونون أكثر قابلية من غيرهم للوقوع في حوادث وأن المسئولين عن اكثر الحوادث في أي مصنع هم في العادة نسبة قليلة من العمال , ومن ذلك يتضح أن هناك فروق فردية في الصناعة لها أثرا كبيرا علي الإنتاج ولا تقتصر أهمية مراعاة الفروق الفردية في الصناعة علي الفائدة الاقتصادية فقط بل يؤدي إلى فائدة كبيرة من حيث زيادة التوافق النفسي للعمال فان نجاح العامل في عمله يرفع من معنوياته ويزيد من ثقته في نفسه ويساعده علي الشعور بالأمن والاستقرار النفسي والعكس فان فشل العامل يؤدي إلى شعوره بالنقص وعدم الأمان ويؤدي ذلك إلى اضطرابه وقلقه كما يسئ إلى  علاقاته الاجتماعية بشكل عام .
وهنا يظهر أهمية علم النفس الصناعي :
فهو يبين أن العمال المتفوقين في عمل معين لا يكونون بالضرورة متفوقين في جميع الإعمال الأخرى التي ينتقلون إليها والعكس بالنسبة للعمال الفاشلين وهنا تصبح مهمة علماء النفس في تقدير الإمكانيات المختلفة للفرد تقديرا دقيقا بحيث يمكن توجيه العمال إلى الأعمال التي تتفق مع استعداداتهم وإمكانياتهم فالعمال الفاشلون في بعض الأعمال يستطيعون بالتوجيه المهني السليم أن ينجحوا في بعض الأعمال الآخر ولذلك أهمية كبيرة من حيث زيادة الإنتاج الصناعي وتحقيق التوافق النفسي للعمال .
اثر التدريب علي الفروق الفردية :   
يظهر أهمية كل من عاملي الوراثة والبيئة في الفروق الفردية فإذا كان من الممكن إزالة الفروق الفردية للتدريب فان المراحل الوراثية تشكل جزء كبير في النفس .
يتبن لنا من ذلك أننا لا نتوقع من برامج التدريب أن نجعل المتدربين متساويين في القدرة علي العمل كما أن التدريب لا يؤدي إلى التحسن في القدرات النظرية وإنما هو يمد الفرد بمهارات وفنون خاصة تساعده علي حسن استخدام قدراته النظرية في الأعمال  التي يتدرب عليها .
ولذلك نهدف من وراء دراستنا لعلم النفس الصناعي إلى :
1- العمل علي  التوجيه المهني للعمال بما يتفق مع قدراتهم واستعداداتهم مما يؤدي إلى نجاح العامل في عمله .
العمل علي تكيف العامل للعمل وذلك بتصنيف الأعمال وتحليلها لتقدير الجهد اللازم لأدائها ولتحديد السمات اللازمة للنجاح فيها .
الحوادث
تصنيفها ومفهومها واسبابها وطرق الوقاية منه
- تكلف الحوادث الصناعية الاقتصاد القومي مبالغ ضخمة وخسائر مادية ومعنوية لا حصر لها
- فمن تكاليفه المباشرة ( العلاج الطبي للمصابين ونفقات التامين والتعويض ) .
- ومن تكاليفها الغير مباشرة ( الوقت الضائع من جراء الحادث والوقت الذي تنفقه الشركة وأدارتها في البحث والتحقيق وما قد تتكبده الشركة من أموال لتوظيف عمال جدد وتدريبهم وإصلاح ما تلف من آلات ومواد وما تسببه من إساءة للشركة قد تؤثر علي الإنتاج فيها .
الحادثة مفهومها وتصنيفها :
الحادثة هي كل ما يحدث دون أن يكون متوقع الحدوث مما ينجم عنه ضرر للناس أو الأشياء في العادة ويخرج التخريب الانتقامي وكوارث الطبيعة من نطاق حوادث العمل .
يمكن تصنيف الحوادث من حيث: 
 
النوع : حوادث مرور وحوادث مناجم وحوادث طائرات أو حوادث خطيرة و أخرى بسيطة
النتائج : حوادث تتلف الآلات أو المنتجات أو تصيب الأشخاص بإصابات مختلفة كالحروق والكسور وفقد الحواس أو الأعضاء والتشوهات المختلفة أو الموت .
الأسباب : حوادث شخصية أي ترجع إلى عوامل ذاتية كإهمال العامل أو الشرود الذهني لديه أو قلة خبرته أو عجزه عن ضبط نفسه .
أو حوادث ترجع إلى عوامل مادية وميكانيكية كسقوط الأشياء علي العامل أو انفجار بعض المواد أو وجود مادة لزجة علي الأرض أو تلف مفاجئ في بعض الآلات, وقد وجد أن الحوادث التي ترجع إلى عوامل ذاتية تتراوح نسبتها بين 80% إلى 90% وان الحوادث الناتجة عن عوامل مادية أو ميكانيكية تتراوح بين 10% إلى 20% .
4-تجنب الحوادث : حوادث يمكن تجنبها و أخري يتعذر تجنبها كإتلاف مفاجئ في آلة حديثة تثبت صلاحيتها بعد اختبارها .
أسباب حوادث العمل :
الحالة النفسية والانفعالية: التي يكون عليها العامل فالانفعال الشديد يفقد العامل السيطرة علي أعصابه وعضلاته وتوازنه مما يجعله عرضة للحوادث.
الحالة الاجتماعية : التي يكون عليها العامل وقد تبين إن هناك علاقة بين حالة العامل الاجتماعية وبين عدد حوادث العمل , فكلما زادت حالة العامل الاجتماعية سوءا زادت حوادث العمل والعكس صحيح ويشمل حياة العامل الاجتماعية والاقتصادية.....الخ.
الإرهاق: وقد تبين أن للإرهاق آثار كبيرة علي وقوع بعض الحوادث في العمل وذلك نتيجة الإجهاد الذي ينشا عنه قدرة العامل علي ضبط عضلاته وأعصابه.
الإهمال : يؤدي إلي كثرة حوادث العمل لأن أكثر الحوادث شيوعا لا تعود إلى الآلات أو المواد الخطرة بل تعود إلى أعمال عادية جدا كالتعثر أو الوقوع أو الاستعمال الخاطئ للعدد والآلات .
ظروف بيئة العمل المحيطة:
درجة الحرارة : الزائدة تعمل علي كثرة حوادث العمل لان لها اثر بالغ علي المتقدمين في السن اكثر من الشباب.
الإضاءة القوية أو الضعيفة : التي تؤدي إلى شعور العامل بالضيق والملل  وهذا يؤدي بدوره إلى حوادث العمل .
ج- التهوية : تؤدي التهوية السيئة إلى نقص إنتاجية العامل من جراء ما ينتابه من توتر وفتور وملل وتراخي وهذا يؤدي إلى وقوع الحوادث .
طرق الوقاية من حوادث العمل
التشريعات و القوانين: وهي ممثلة في قانون العمل 12 لسنة 2003 -الكتاب الخامس الخاص بالسلامة و الصحة المهنية و القرارات المنفذة له ( 134 – 126 – 211........... الخ.) .
اللوائح الداخلية: و هي القواعد و نظم التشغيل التي تضعها كل منشأة حسب نوعية النشاط و عدد العاملين و رأس المال و مكان المنشأة.
جهة رقابية مختصة: و هي الجهة التفتيشية و الممثلة في مفتشين السلامة والصحة المهنية و التي لها حق الضبطية القضائية و كذلك جهاز السلامة بالمنشأة.
إحصائيات الحوادث و الإصابات : لمعرفة أنواع الحوادث التي تقع وعدد كل نوع وفئات الناس الذين يقعون ضحايا لها والأسباب التي تؤدي إليها و إبلاغها لمكتب السلامة و الصحة المهنية التابع له المنشأة.
الكشف الطبي الدوري : ويشمل دراسة الآثار الجسمية والمرضية والبيئية والنفسية والظروف المادية التي تؤدي إلى الحوادث .
التأمين علي العمال: ضد الحوادث الصناعية وتشجيع أصحاب المصانع علي رفع مستوي أساليب السلامة والصحة المهنية بالتدريب والتوعية.
رفع الوعي الوقائي: و يتم ذلك عن طريق التدريب الجيد للعاملين و عقد الندوات و الاستعانة بالملصقات و عن طريق وسائل الإعلام.
التعليم: ويشمل إدخال مفهوم السلامة والصحة المهنية وتامين بيئة العمل في مقررات التعليم بمراحله المختلفة وقد تم وضع توصية لإدخاله بالتعليم الإلزامي حتى نستطيع غرس ثقافة السلامة في الطفل من الصغر.
تحديد المواصفات: التي علي أساسها يوضع التصميم الهندسي للمنشات  المواصفات الهندسية و الفنية و استخدام المواد المطابقة في البناء و ذلك بتطبيق المعايير العالمية التي تتناسب مع طبيعة كل نشاط.
أمين بيئة العمل: و ذلك بوضع خطة طوارئ تهدف إلى حماية العاملين و المنشأة و تدريب 25 % من نسبة العاملين بالمنشأة على كيفية مكافحة الحريق
تخصيص أماكن لتناول الطعام: و ذلك مراعاة للحالة النفسية للعامل ليتناول وجبة صحية سليمة خالية من التلوث – لتجديد نشاط العامل – للمحافظة على نظافة المكان و كذلك عدم التدخين في أماكن العمل و تخصيص أماكن مفتوحة لذلك.
السلوك الفردي الإيجابي لكل فرد : 
ويمكن القول أن فاعلية هذه العناصر تتوقف كثيرا علي تنفيذ الموضوع الأخير فالحوادث تحدث بسبب أنواع معينة من السلوك الفردي ويمكن تحديد طبيعة الحوادث في مؤسسة معينة بمعرفة ما يظهره كافة المشتغلين بها من الوعي الوقائي ويتطلب ذلك تعاون فئات من المشرعين والفنيين والأطباء وعلماء النفس والأخصائيين وبطبيعة الحال  أصحاب العمل والعمال ومع تقدم الأساليب الفنية الحديثة نجد أن هناك حوادث جسيمة قد تقع في المنشات الصناعية وهذا يرجع نتيجة لأخطاء من شانها تعطيل أساليب السلامة ( ترفع أجهزة الوقاية من أماكنها , تستعمل أحذية غير مناسبة  أو قد يشعر العمال بمرض أو إرهاق أو قد يتشتت انتباهه ولا يتذكر شيئا وفي هذه الحالة تحدث الحادثة) , ولذلك فان من الضروري العناية بأخطار الحوادث التي تحدث نتيجة  لعادات متأصلة في سلوك الإنسان في المصنع أو المنشاة .
قواعد عامه يجب اتباعها :
حاول أن تفكر وان تعمل بطريقة منظمة أثناء العمل لأنك بهذه الطريقة ستكون مقتنعا بعملك ومتجنبا لأخطاره فان السهو من الأسباب الرئيسية للحوادث.
لا تمارس إلا عملك الخاص الذي تتقنه وإذا كان هذا العمل ذا تخصص اتركه للمتخصصين فيه .
يجب أن تستفهم من رئيسك المباشر عن التعليمات إن كانت غير مفهومه إذ يجنبك هذا أو المجموعة والمصنع من أخطار كثيرة .
يجب أن تجعل من نفسك جنديا في مجال عملك , بلغ عن أي شيء غير عادي ( سلالم مكسورة – صنابير تالفة – أرضيات بها أجزاء غير تامة العزل أو الحماية – أشياء تبدو غير طبيعية في الأجهزة أو الكيماويات أثناء التشغيل فهذا يؤدي إلى تجنب الحوادث والفقد في الإنتاج والمواد .
تعاون دائما مع جهاز السلامة والصحة المهنية في عملك ونفذ جميع التعليمات ذات الفائدة لتحسين ظروف الأمان والعمل.
استعمال أجهزة الوقاية الخاصة بك وحافظ عليها واجعلها تحت الاختبار والتنظيف واختبر صلاحية المرشحات الخاصة بالأقنعة ا ن وجدت وذلك كل مدة زمنية محددة.
السلوك – النظام – النظافة ( الملابس الملائمة – ترتيب مكان العمل والأدوات – تناول الطعام في الأماكن المخصصة ) .
يجب أن نطبق حظر التدخين في الأماكن والمصانع التي يدخل في نشاطها المواد الكيميائية والمواد القابلة للاشتعال .
عدم سد أي منافذ للخروج الاحتياطية فهي طريقك إلى الأمان في حالة حدوث الخطر .
الضمانات الأساسية لنجاح السلامة و الصحة المهنية وتامين بيئة العمل بالمفشاة :
يعتبر برنامج الوقاية أو برنامج السلامة والصحة المهنية بالمنشاة بمثابة خطة العمل التي تنتهجه المنشاة لتحقيق حماية العمال من مخاطر العمل وأضراره وذلك تطبيقا للمادة 216 – 217 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 .
ولعل اختلاف المنشاة من حيث حجمها وطبيعة العمل بها ينعكس عي تفاصيل هذا البرنامج ولان ثمة عوامل أساسية يجب أن يتضمنها برنامج السلامة والصحة المهنية كل منشأة لضمان بلوغ هدفها وهذه العوامل هي :
تقرير مسئولية الإدارة العليا لتحقيق البرامج وما يستتبع ذلك من تحديد المسئوليات علي مختلف المستويات في خطة الإنتاج والإدارة .
اتخاذ الخطوات الكفيلة بتحقيق عوامل الأمان والسلامة والصحة المهنية في مكان العمل .
وضع خطة التدريب السليم للعمال وتحقيق الرقابة عليهم .
اشتراك العمال في وضع وتحقيق هذا البرنامج حيث أن مسئولية الإنتاج مشتركة بين الإدارة والعمال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

@techandinv